أخر الأخبار
الرئيسية » اخبار » جيل z وحب الوطن.

جيل z وحب الوطن.

بقلم مصطفى فاكر رئيس الفرع المحلي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان الشماعية
بإعلان شباب حركة zعن توقف لحظي للإحتجاج يومي الخميس و الجمعة 9و10اكتوبر2025تزامنا مع افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان و بخطاب جلالة الملك محمد السادس من قبة البرلمان تكون قد أرسلت رسائل إلى من يهمهم الأمر،دفعا لكل النوايا السيئة،و للذين في قلوبهم مرض،أن حركة جيلz حركة انبثقت من رحم الشعب ومن معاناة شباب ظل يجتر الخيبات و الويلات منذ عقود خلت،وأنها حركة فقدت منسوب الثقة في الاحزاب السياسية و التنظيمات النقابية،و أنها أصبحت لا تؤمن إلا بصاحب الجلالة الذي تكن له كامل التوقير و الاحترام،و أن المقدسات الوطنية خط أحمر لاتقبل الزيادة أو النقصان،بل هي صمام آمان ضد التقلبات الإجتماعية التي تظهر بين الفينة و الأخرى هنا وهناك،و أن التدافع في الأرض سنة كونية حتى يتميز الخبيث عن الطيب.
إن الإحتجاج يحرك المياه الراقدة و يعيد طرح السؤال القديم من جديد:أين هي ثروة البلد؟ ولماذا يتمتع الفاسدون بحصانة تبعدهم عن المحاسبة ؟وكيف تحولت مرافق دولة إلى مكان لتوزيع الغنائم؟.
إن الكشف عن هذه الاسئلة و أخرى لايمكن أن يكون دون معرفة كرونولوجيا السياسات المتعاقبة،و تراكم منطق الإفلات من العقاب ،و توطين شعار”عفا الله عما سلف”،فهي منظومة متناسقة البنيان،توسعت في كل مناحي الحياة،في الادارة و الصحة و التعليم و الاقتصاد ،حتى أصبح للفساد سدنة و حواريوه يحمونه بمسميات كثيرة،فتتحول الامتيازات الزائدة عن اللازم إلى ريع جماعي تدار بها العلاقات في طي الكتمان بين السلطة و المفسد.
إن حب الوطن هو ذلك الاحساس الخفي الذي يحركنا للتعلق به،وهو الاحساس بالانتماء إليه مهما بعدت الشقة،فهو شعور وطني يكبر و ينمو و يترعرع مع تقدمنا في السن،وحب الوطن رمز للهوية و التاريخ و الحضارة،فهو كرامة للمواطن وواجبنا نحوه يكون بالحفاظ عليه ،و الدفاع عنه،و احترام قوانينه مهما تجبر علينا الفساد وطغى.
إن الوطن الذي لا يحاسب الفاسد يشارك أبناؤه في صناعة الفساد ،و يمنح للمفسد شعورا بأنه فوق القانون،و لهذا يتحول الفساد من انحراف فردي إلى ثقافة اجتماعية مطبعة،يجد فيها المواطن مبررات أخلاقية و مسوغات قيمية تريح باله،لاسيما في ظل غياب القدوة الحسنة و تفكك منظومة الاخلاق.
وفي ضوء ما سبق،فإذا أصاب الوطن مكروها -لا قدر الله -يقف جميع المواطنين معا وقفة رجل واحد للدفاع و الذوذ عنه،والتضحية في سبيله ،و بذل الغالي و النفيس،و أقل ما يمكن تقديمه له حماية ممتلكاته و منشآته و المحافظة على نظافته.
لقد علمنا الرسول صلى الله عليه و سلم كيفية حب الوطن.كيف لا؟وهو الذي قال عن مكة المكرمة:”ما أطيبك من بلد و أحبك إلي،ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك.”. إلى جانب هذا الانحدار القيمي يبرز إنعدام الوازع الديني لدى فئة من السياسيين كعامل إضافي في التعاطي مع الفساد،فحين يغيب الشعور بالمسؤولية أمام الله و يضعف الإحساس بالحلال و الحرام ،و يصبح المال العام مباحا و المصلحة الشخصية مبررا لكل تجاوز يفقد المواطن إجدى أهم آلياته الداخلية في الرقابة و مقاومة الفساد،فالقانون يمكن التحايل عليه ولكن صحوة الضمير لا يمكن إتلافها.
إن ما يحتاجه الوطن اليوم ليس حراكا ظرفيا يعيد ما أفسده المفسدون ،بل يحتاج مشروعا وطنيا صادقا يعيد للضمير سلطته و للقانون هيبته و للقيم مكانتها،فمن دون عدالة صارمة وضمير حي سيبقى الفساد أكبر من الوطن و سيظل النضال مجرد ماكياج فوق جرح متعفن. رئيس فرع الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان.