أخر الأخبار
الرئيسية » اخبار » الذئاب تعوي في عرين الأسد إذا غاب.. للكاتب الصحفي محمد عصام

الذئاب تعوي في عرين الأسد إذا غاب.. للكاتب الصحفي محمد عصام

بقلم ..محمد عصام

لم يكن الفقر يوما عيبا، ولم يكن الضعف يوما عيبا، ولم يكن قول المعروف والنهي عن المنكر يوما أيضا عيبا..

لم يكن الغنى ولا القوة يوما شرطا للرجولة.. وكان قول المعروف والنهي عن المنكر أيضا من سمات المؤمن القوي الذي لا يخفي من قول الحق لومة لائم، ولا يثنيه عن نصرته قمع ولا ترهيب، ولا حتى عقاب..

هذا دربنا بالقلم، بأي رقعة من الأرض سيصلنا الخبز والماء معه، وسنقض مضاجع المنافقين واللصوص…

مهلا، فما مضى، كان أمرا مما حضر وقدر فكان، وكيفما تدين تدان.. واعلم أن رجال أنواع..

ـ نوع يملك الكرامة والشهامة ولكن جند له الفقر عدوا يحاربه به اكتفى وانشغل بدفع شره أيامه ولياليه..

ونوع يملك الكرامة والشهامة، ولم يفلح الفقر في فرض سلطانه عليه، فقاوم الأشرار والأرذال، فتحالفوا عليه وعذبوه وشردوه وحبسوه واختطفوه ونفوه وقتلوه..

ـ ونوع فاقد للرجولة والكرامة، همه العيش كدواب منهم الفقير يسعر خَـــذَّهُ للناس، ومنهم دون ذلك، وحيثما كان الغنى يسعر خَذّهُ للناس، ومنهم دون ذلك، وحيثما كان الغنى فهم سائرون نحوه، وأخذ منهم هم الوصول كل جهدهم وساعات حياتهم ليلها ونهارها..

هذا النوع أصبح القاعدة، والفئة الغالبة، إنهم الأرذال، تاهوا وسط الرذيلة، لا يستحيون، لذا تجدهم يفعلون ما يشاؤون، يتسابقون في كل اتجاه وبكل مناسبات للظهور بمظهر الكبار وهم صغار، لا يتركون فرصة تمر أمامهم دون أن يركبوها لهدفهم الحقير.. تراهم في ساحة السياسية مندسون، وفي ساحة الرياضة بارزون وفي ساحة الأعمال ينصبون ويسرقون.. محياهم تشابكت به الألوان، ولم تعد تستقر لهم على لون الصفرة تعلو الابتسامة والسواد مخيم على الهامة، والقلب ينبض بالخبث والأيدي تبطش بالسوء، واللسان يوزع النفاق ويزرع الشقاق.. كالشياطين يوسوسون وللكبار يتملقون ولنسائهم يتقربون ويثنون، حتى يصيروا لهن عابدين ومقدسين، فتقضى بأوامرهن لأزواجهن حاجتهم وحاجات مواليهم وفق ما يريدون ويرغبون، وعلى هذا الحال يصبرون ويثابرون، وما هي إلا أيام تمر حتى ينهضوا بثروة الحرام، فتراهم يتسارعون في البنيان، ومن ورائهم أسرهم المنسية بانشغالاتهم، تشبعت بدينهم وتأثرت بدرب سلوكهم، ينخرها الانحراف، ولم تجد ردعا للنفس الشرهة من خلق تربى فيها وساد الدم واللحم والعظام، فتراها تتمنى رحيلهم لتنعم بما جمعوا وكدسوا من حلال وحرام..

الكاره لهذه الحثالة من البشر.. الكاره لهذا التيار:

ـ منهم المتدمر الصامت، وإذا مروا أمامه بدوره يبادلهم الابتسامة ويتبعها عبر شاشة عينيه باللعنات ومتمنيات الكوارث في الدنيا والآخرة..

ـ ومنهم أيضا المتدمر الناطق، وإن كان يحادثهم ويجالسهم ويبادلهم التحية فهو ناطق معبر بعدم رضاه على دربهم، ولكن في حلة خلق الناصح الداعي إلى العودة إلى الصواب من قبيل “هَادْ الشي لِكَيْدِيرُو ما مزيانش، لَعْنو الشيطان شحال بني آدم غادي يعيش كاع اتقوا الله راه الشياطين لي معروفة بهاد الفعايل”..

ومنهم المتدمر المحارب الذي عاش شهيدا قرب صفاء الرسالة، وكان ضمن من هبوا لنصرة الإيمان وقتال الكفر، فاستشهد ونام تحت التراب ردحا من الزمن، وقد ظل حيا لم يمت، أيقظته حسرات وزفرات وأنين وبكاء وعويل المظلومين، المقهورين المهضومة حقوقهم والمُداسَة كرامتهم، وأيقظته دقات أقدام الظالمين وأصوات بنادق حراسهم ومنفذي أوامرهم التي تدك الحق دكا وتكسر عظام رافضي الاستدلال ومقاومي الجبروت بالمخافر والمقابر السرية كسرا كسرا..

على درب هذا النهج، تسلل إلى النفوس الانحراف، فصار صوابا، وتسلل إلى النفوس الخنوع فصار محمودا، فصرت لا تدخل باب إدارة لتقضي حاجة، إلا وترى وجوها شبيهة بالأموات، غاب عنها الحياء، تُشَخِّص أعينها في عينيك تستجدي العطاء وتحرك جسدها ترقص لتدفع، ولو بصقت مع العطاء في الأوجه لحسبته قطرات مطر ودعت بالمزيد ورفعت الأكف لتستقبل الغضب..

ومنهم تيار الشر الذي تقوى، وصار يجرف كل شيء وقف أمامه، سواء قاومه أو كان عابرا مسالما.. فكما عبر العالم، فكما عبر الوطن، فكما بالمدينة، فكما بالقرية.. وحيثما وليت وجهك، تشاهد شرا يطارد خيرا، وشرير يشد خيرا من خناقه ويعنفه.. والمارة يتفرجون ولا يتحركون لنصرة المظلوم، لأن أكثرهم أشرار، والأخيار منهم ركنوا لسلم مسالمين بدورهم يترجون النجاح لأنفسهم من بطش الأشرار، وزاد زينة شر الأمة عرسان الشواذ انفجارا هنا وهناك وهنالك..

فهل وصلت الأمة إلى هذا الحال كتطور طبيعي في حياة الأمم؟ أم خطط للنتيجة منذ زمان.. وكل من بالسفينة غافل، جاهل، تائه، حائر.. ركابا وسائقين؟

التيارات بكل أنواع الرجال، حروبهم في الخفاء وصامتة، بقرارات النفوس وبنظرات الأعين وبالهمسات والسكنات والحركات والكلمات… الصراع بنوعيه الصامت والناطق الجامد والمتحرك لا محال مستمر.. وتجد التعبير عنه في كل المجالات وفي كل القطاعات وفي كل الساحات… كل منهم يؤسس لفرض ثقافته وسلوكه ورؤيته إلى المجتمع..

وغيب المنطق وكبلت الديمقراطية وسخر القانون والمال والسلطان في المعركة، بالطبع سيكون مهاجم وسيكون مقاوم..