أخر الأخبار
الرئيسية » اخبار » جيل زاد وسؤال التغيير إلى أين؟؟؟

جيل زاد وسؤال التغيير إلى أين؟؟؟

مصطفى فاكر الشماعية
إنه جيل الثورة المعلوماتية،وجيل الحنكة الرقمية التواصلية،جيل فايسبوك و تويتر و انستغرام،جيل اللعب الالكترونية و الذكاء الاصطناعي.جيل جديد يبحر في عالم التكنولوجيا وحطم كل الارقام القياسية فيها،جيل التميز و الاستحقاق الوطني ،جيل المفارقات الصعبة،جيل صعب المراس ،تربى على التحدي وركوب الامواج ،جيل طوع العالم فأصبح بين يديه،بنقرة واحدة يستطلع العالم و يدرك معارفه ،لاشيء يثنيه عن سبر أغواره،يقلد كل شيء،و يمحص كل صغيرة و كبيرة سواء في الدولة أو في النضال ،لاتنطلي عليه الحيل  بل ينجر للوصول إلى أهدافه بكل الوسائل المشروعة و غير المشروعة مادام يرى أكابر القوم يرفلون في النعيم بطرق ملتوية و مشبوهة.
إن ماوقع في احتجاجات جيل زاد،وتحديدا ماوقع من تخريب و فوضى و عبث بالممتلكات العامة و الخاصة ليس حدثا معزولا عن سياقه،بل هو امتداد لما يقع في مستويات مختلفة من حياتنا اليومية:في الملاعب الرياضية وفي المؤسسات التعليمية و الصحية،إنه قابل للإنبثاق في كل فضاء يتواجد به الانسان،حتى أصبحنا نرى أن بعض الشباب يحولون لحظة الاحتجاج إلى الانتقام من ظلم ألم به من طرف مسؤول أو إحتقار أحس به في إدارة من الإدارت المغربية،يحس بفرحة و بإنجاز عظيم وتحدي عميق لما بداخله من صمت  كبت البوح به،إنه فساد يقابله فساد آخر في المؤسسات العمومية و الادارت المغربية من لدن مسؤول يعبث بالمال العام في واضحة النهار و يستحله أمام أعين السلطة و لا من رادع بل يستره شريطة اقتسام الكعكة نصفين..
إن الفساد ليس سلوكا فرديا فحسب بل هو نمط بنية متكررة نتيجة تربية معاقة  و ثقافة مكسورة لشباب فقد الثقة و الامل،يصرخون من عمق اليأس وفرط المعاناة:بطالة،فقر مدقع ،ارتفاع الاسعار تدني مستوى الرعاية الاجتماعية،وقائمة الاعداء الداخلية طويلة التي كانت سببا في تأجيج الوضع،أمام حكومة لا تجيد الانصات ولاتعرف فن الخطاب.
الشباب الذي خرج الى الاحتجاج،شباب في داخله طاقة رهيبة ورغبة حقيقية في القضاء على الاوضاع المزرية و الحلم بالتغيير يأتي معه الخير،إنه نتاج سياسات متعاقبة تتغير في الاسماء،لكن توحدت في الغايات و المرامي:في وأد الامل ،وقتل روح التفاؤل.جيل يعيش وسط مجتمع غني بالمفارقات و المتناقضات،بين الخطاب الرسمي للدولة حول المواطنة وحب الوطن،و معيش يومي يشي بالانتهازية والوصولية،لأن السلطة السياسية في كوكب آخر،تتقن فن اللا معنى والدولة قادرة على امتصاص الرجات و الهزات،لكنها تغفل حقيقة نبض المجتمع و أن ما يصدح به شباب حركة زاد الآن هو ما صدح به المغاربة من قبل و منذ سنوات:الصحة و التعليم  و الشغل و الحكامة الجيدة و النزاهة و الشفافية،و العدالة الاجتماعية.
الملك عينه ما من مرة يدق ناقوس الخطر داعيا الاحزاب السياسية الى العمل من أجل الوطن و المواطن،لا من أجل المصالح الشخصية ،محذرا من مغرب يسير بسرعتين ومن الفوارق الاجتماعية و المجالية.
أربع سنوات من الفراغ السياسي في مقابل مجتمع يغلي،كل مرة قطاع به فضيحة و تسيب مطلق و احتكاك مستمر بين السلطة و أبناء الشعب،فمنذ 2021والمغرب يعيش تحت أغلبية قوية من حيث الارقام ضعيفة من حيث الانجازات تقابله معارضة مشلولة إن لم نقل منعدمة،يقودها رئيس حكومة لا يملك حسا سياسيا،لا يصغي إلى الناس و لا يكترث لنبض الشارع.
المغرب يتقدم لكنه يتقدم بسرعة خاطئة،المجتمع يريد أن يتطور أكثر فأكثر،الشباب يفور بالطموح ،والملك يحمل رؤية جريئة وطموحة لمكانة المغرب في العالم ،لكن الحكومة تعطل المسار و تفتقد لقائد مدرب ،فئة صغيرة لكن بسلطة واسعة و كبيرة هي التي تتحكم و تصنع شبكات عنكبوتية تشتغل من وراء ستار ،تفرغ القوانين من محتواها،والاصلاح يزيغ عن سكة الصواب وبنفس السرعة شباب قوي حركي ينتظر الفرصة لينقض و يأتي على الأخضر و اليابس متمنطقا بالمقولة الشهيرة :”علي و على أعدائي”،لهذا نحتاج اليوم إلى حراك داخل حراك،نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الآخرين،أن نواجه نزعات التخريب و الانانية قبل أن نواجه الاستبداد و الفساد،لأن الفساد واحد في جوهره،فلابد من رجة داخلية عميقة تواجه الحراك الظاهري،حراك الضمائر قبل حراك الظواهر،وهذا ما يجعل المواطن المغربي يشتكي لملك البلاد من الادارات و المسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم و معالجة ملفاتهم لذلك نقول”المواطن ينتظر من المسؤول أن يكون في مستوى التحديات و المخاطر.