و تستمر شعلة نقابة الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديموقراطي FNE
عبدالله اكي
في ظل المشهد التعليمي المعتم، المترنح بين انتظارات نساء ورجال التعليم ومختلف الفاعلين في الشأن التعليمي بشأن التزام الحكومة/الوزارة باتفاقاتها/وعودها تجاه القطاع، والحديث هنا خصوصا عن الاتفاقين الأخيرين 10 و26 دجنبر، وبين ترقب مصير ثلة من الأساتذة الذين ما زالوا تحت وطأة توقيفات تعسفية، مع توقيف راتبهم الشهري، وصل الآن 3 أشهر متتالية، وما خلفه من وقع في نفوسهم ونفوس أسرهم، وبين ترصُّد مخططات مشؤومة (إصلاح التقاعد، قانون الإضراب…) تتحين الدولة الفرصة المواتية لتنزيلها؛ يُطل علينا بعض أشباه المناضلين، الذين انغمسوا في الريع لسنوات عديدة، وألفوا خدمة النقيض ابتغاء مرضاته، بخرجات بهلوانية يتعمدون من خلالها تزييغ النقاش عن مساره الحقيقي، من مواجهة/تدافع عمودي بين المناضلين والإطارات المناضلة مع الإدارة، إلى صراع أفقي بين المناضلين ونساء ورجال التعليم فيما بينهم، عبر الخوض في سفاسف الأمور، مستخدمين كل الوسائل الدنيئة بما فيها تحريف تصريحات، وإلباس قضايا مصيرية للشغيلة وللطبقة العاملة ملبس صراعات شخصية.
يأتي هذا الحديث في سياق الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الكاتب الوطني لنقابة الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، لمجرد أنه أدلى بتصريح – اعتمادا على معطيات بذل فيها ورفاقه جهدا في الحصول عليها من الجهات المعنية- وذلك طبعا بعد الاستفسارات العديدة التي أغرقت وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات النقابة والحسابات الخاصة للمناضلين، يلح فيها نساء ورجال التعليم تمكينهم من تاريخ صرف الزيادات والتعويضات، فكان الطبيعي استقصاء المعلومة وإيصالها كما أوردتها الإدارة، واستنادا على ذلك، وفي لقاء خطابي تأطيري جاء معرض حديث الكاتب الوطني عما وصله من الجهات المسؤولة، وما تم رصده من مؤشرات بخصوص ذلك، فإمكانية (ونسطر تحت كلمة إمكانية آلاف السطور) صرف الزيادات واردة في بداية شهر أبريل، وعلى ضوء ذلك نسجل مايلي :
*المعلومة المنقولة لا تلزم ناقلها التكذيب ولا التصديق، وإنما العهدة على مصدرها؛
*بدل التركيز على الجهات المسؤولة، والضغط عليها من أجل تسريع الالتزام باتفاقاتها، يتم تحوير النقاش إلى الضرب في المناضلين وتكذيبهم لتأليب الرأي الأستاذي عليهم، في تعاون طبقي محكم مع النقيض من حيث لا يدرون أو يدرون؛
*لطالما أخلفت الحكومة/الوزارة اتفاقاتها ووعودها، فهذا ليس وليد اللحظة، وليس أمرا مفاجئا، ولا المرة الأولى التي تصل معلومة لأطر قطاع التعليم وتكون مجرد إشاعة، أو تتخلف الدولة عن الالتزام بها، فماذا اختلف الآن؟
*لا أحد معصوم من الانتقاد، بل الانتقاد محمود يُصوِّب الأخطاء إن وجدت ويُوضِّح الثغرات من حيث لا تُرى، والرفيق عبد الله لطالما انتقده رفاقه قبل أي أحد عندما تدعو الضرورة لذلك، لكن ما نراه الآن لا يمت للانتقاد الرزين البناء بصفة، وإنما هو تهجم على شخص الرفيق بل وعرضه؛
*هناك قضايا مهمة يتم تجاهلها، والتي اتخذت شعارا لمرحلة الحراك وإلى وقت قريب، لكن اتضح أن تاريخ صرف الزيادات والتعويضات بات أهم من كل شعار رُفع؛
*مصدر التهجم على المناضلين هو نفسه في كل مرة، يبتغي من خلاله ضرب المناضلين وتصيدهم حتى يكون الميدان للنقيض وحده، ويكون هو ذيله الذي ينش به.
وعلى العموم فالهجوم على نقابة fne، وعلى مناضليها ليس وليد اليوم، وإنما منذ زمن، تحت شعار “مالك مزغب”، طبعا، وهذا الأمر نعي جيدا أن مكمنه يتمثل في ضريبة مواقفها الصامدة، وخروجها عن المألوف الذي رسمته الإدارة مع بعض المتعاونين طبقيا معها؛ فقبل الحراك نالت من التخوين ما نالته، لمجرد رفضها سرية الحوارات من جهة، والتي أُقصيت منها لمدة طويلة بسبب ذلك، ولاختيارها الميدان كسبيل للنضال، من خلال تنسيقها مع الإطارات المناضلة المتواجدة فيه، ولا أدل على ذلك ما قيل في حقها بخصوص معركة مقاطعة النقط من طرف المفروض عليهم التعاقد. واستمر التخوين إبان الحراك، ولقيت ما ليقته من هجوم واتهامات رغم رفضها للسرية وللنظام الأساسي الأول الذي حرك احتجاجات قطاع التعليم، ورغم مساهمتها البينة في التأطير والتنسيق مع مجموعة من الإطارات المناضلة وتوحيد الصفوف، وتبني طروحات مختلف المناضلين بما فيها التنسيقيات، في وقت رُفضت ونُبذت فيه هذه الأخيرة من الجميع نقيضا وصديقا، بل وساهمت fne في بناء صرح وحدة التنسيق الذي لعب دورا بارزا ومهما في الحراك، بغض النظر عن الأخطاء المرتكبة والواردة جدا في كل معركة. ليستمر التخوين والحملات الشرسة رغم كل ذلك بعد موقف توقيعها الذي احتكمت فيه لأعلى أجهزتها التقريرية ‘المجلس الوطني’، والذي تدارس وناقش وحلل بكل ديمقراطية وعقلانية شروط وإمكانات المرحلة والوضع القائم، واتخذ موقفه، التي أبانت الأيام فيما بعد جدواه، اتفقنا أو اختلفنا معه. وها هو نفس الأمر يستمر الآن بعد انخراطها بكل مسؤولية في إيصال صوت الشغيلة للجهات المسؤولة، وكذلك نقل المعلومة من هذه إلى تلك.
وما يحز في النفس، وللأسف الشديد، نجد عددا من نساء ورجال التعليم، وفي الوقت الذي ننتظر منهم -بحكم مكانتهم ووعيهم وثقافتهم- استقراء الأمور بكل عقلانية، والتركيز على القضايا المِلحاحة والمهمة، نجدهم يتيهون في أخبار مواقع التواصل وينساقون مع تراهات بعض المتخاذلين ‘المصلحجيين’ الذين يستفيدون أيَّما استفادة من الوضع القائم، ويرفضون أي تغيير قد يضر بمصالحهم وكراسيهم، فيتخذون من مهاجمة المناضلين والإطارات المناضلة هدفهم الأول، بل ويصل الأمر بهم إلى تخوين وطحن كل من يقف في طريق ريعهم مستخدمين مختلف الوسائل الخبيثة لتحقيق مرادهم (السب والشتم، مهاجمة أعراض وخصوصيات مخالفيهم، تحريف الأقوال، التخفي وراء صفحات ومجموعات لمهاجمة المناضلين…). فنقول لهم إن نقابة fne ستظل على نفس نهجها، مكافحة صامدة، راسمة خطا نضاليا وعملا نقابيا صادقا، كما سيستمر مناضلوها في التحامهم مع نساء ورجال التعليم ومختلف أطر القطاع، والدفاع عنهم وعن مصالحهم، مهما اشتد الصراع وتوالت الضربات وتكالب المتعاونون طبقيا، مرضى متلازمة fne.