أخر الأخبار
الرئيسية » اخبار » نافـذة على “المعهد المتخصص للتكنولوجيا الفندقية والسياحية بالمحمدية”

نافـذة على “المعهد المتخصص للتكنولوجيا الفندقية والسياحية بالمحمدية”

 

اعتبارا من الموسم الدراسي الجاري 2021-2022، بات “المعهد المتخصص للتكنولوجيا الفندقية السياحية بالمحمدية” تحت وصاية وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بعدما ظل منذ تأسيسه أواسط تسعينيات القرن الماضي خاضعا لوصاية وزارة السياحة، بالنظر إلى تخصصه في التكوين الفندقي والسياحي، ودون الخوض في المبررات الموضوعية أو البيداغوجية أو حتى السياسية، التي تكــون قد تحكمت في اتخاذ قرار إخراج المعهد من بيئته الطبيعية (السياحة)، وضمه إلى قطاع التربية الوطنية، ودون التيهان فيما سيطال هذه المنارة التكوينية الفندقية والسياحية، من متغيرات إدارية ومالية وبيداغوجية وبشرية، في ظل الوضعية الجديدة، نرى أن  الوزارة الوصية على القطاع  ممثلة في  “الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات” و”المديرية الإقليمية بالمحمدية”، لابد أن  تحتضن المعهد في هذه المرحلة الانتقالية، من أجل ضمان انتقال مرن وسلس، تصان فيه  المكتسبات السابقة في ظل وصاية قطاع السياحة، سواء كانت مكتسبات مهنية أو بيداغوجية أو تحفيزية  أو تدبيرية أو إشعاعية.

انطباعات ما كان لها أن تتشكل في ذهننا، وتكون قوة دافعة نحو كتابة هذا المقال، لولا الزيارة التي تم  القيام بها للمعهد بعد زوال يوم الاثنين  13 دجنبر 2021، في إطار “اللجنة المشتركة للتنسيق والتتبع” المنبثقة عن اتفاقية الشراكة والتعاون المبرمة أواخر شهر يوليوز الماضي  بين “المديرية الإقليمية للتربية الوطنية” بالمحمدية، ومؤسسة “أرشيف المغرب” بالرباط، حيث تم ربط الاتصال المباشر على التوالي بالسيد “خالد مسيوي”، مدير المعهد، والسيد “محمد المعروفي”، مدير الدراسات، و تم التداول بشأن “أرشيف” المعهد بعد إعلان الطلاق الذي  لارجعة فيه بينه وبين  وزارة السياحة، ليتبين أن معظم الأرشيف، قد تم وضع اليد عليه من قبل القطاع الوصي السابق (وزارة السياحة)، مما كان يعني أن المعهد، قد تم إلحاقه بالتربية الوطنية، بدون تاريخ ولا ذاكـرة، عدا بعض الوثائق الأرشيفية التي لازالت ترقد في صمت وسلام في الدواليب، وبعض الأشياء أو المقتنيات المعروضة في قاعة الاستقبال، من مجسمات وكؤوس وأواني وغيرها.

صدمة الأرشيف، وازاها إعجاب كبير ببنية الاستقبال بالمعهد، والتي تحضر فيها كل مشاهد الجاذبية وصور التميز والرقي والإشعاع، مقارنة مع واقع حال المدرسة العمومية التي لازالت بنياتها بين مطرقة الهشاشة وسندان التواضع، وهذه البنية بقدر ما تثير مشاهد الإعجاب والاعتزاز، بقدر ما تضع  وزارة التربية الوطنية (الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات، المديرية الإقليمية للمحمدية) أمام مسؤولية الحفاظ على هذا الصرح المعماري الأصيل على مستوى الدعم والعناية والاهتمام، حتى لايفقد الجاذبية التي كان عليها في ظل وزارة السياحة، وفي هذا الإطار، يصعب الحديث عن جاذبية المكان، دون توجيه البوصلة نحو الأطر الإدارية والتربوية التي منحت للمعهد الروح والجاذبية والحياة والإشعاع منذ التأسيس، وهذه الأطر على قلتها، كان يفترض أن تشملها الوزارة الوصية (وزارة السياحة) بحفل وداع وتكريم في إطار تكريس ثقافة التكريم والاعتراف،  تقديرا لما قدمته من مجهودات وتضحيات، تحول معها المعهد إلى واحد من المنارات التكوينية في مجال التكوين الفندقي والسياحي في المغرب، لكن حضر واقع التجاهل وغابت لغة الاعتراف، وهذا المعطى كان كافيا ليقوي في بعض الأطر، مشاعر الخيبة والأسف وأحاسيس عدم الاعتبار والنسيان، وهم يسردون لنا جوانب مشرقة من تاريخ المعهد وواقع حاله.

واليوم، وبعد أن أضحى المعهد تحت وصاية قطاع التربية الوطنية، وفي إطار تثمين الرأسمال البشري والاعتراف بأهميته المحورية في كسب رهانات الجودة المأمولة، وحتى يبقى المعهد محافظا على نفس جرعات الجاذبية والإشعاع، نثير انتباه صناع القرار التربوي الجهوي والإقليمي (الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات، المديرية الإقليمية بالمحمدية) إلى ضرورة استحضار الأطر الإدارية والتربوية بالمعهد، والتفكير في الصيغ الممكنة للاحتفاء بهم والترحاب بهم في قطاع التربية الوطنية، ومبادرة من هذا القبيل، ستكون بدون شك، شهادة تقدير وتكريم واعتراف وتحفيــز، قد تعيد الثقة وتسترجع الاعتبار بعد تجاهل الجهاز الوصي السابق، وتقوي من جرعات الجاهزية والدافعية، لمواصلة العمل داخل المعهد، بنفس الأريحية والسلاسة والأمل والتميز والإبداع والابتكار.

أما الأرشيف الذي شكل موضوعا للزيارة، فمن غير المقبول أن يتم تجريد المؤسسة من أرشيفها الذي يعد مرآة عاكسة لتاريخها وذاكرتها، وفي هذا الإطار، وبما أن المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالمحمدية، ترتبط مع “أرشيف المغرب” بالرباط في إطار اتفاقية شراكة وتعاون ذات صلة بمجال الأرشيف، فيمكن التحرك، في إطار ما هو متاح قانونا وإداريا، من أجل استرجاع  ما فقده المعهد من أرشيف نوعي (الفندقة والسياحة)، لأن قوة المكان في تاريخه وعمق ذاكرته، ولا تاريخ ولا ذاكرة، إلا بالارتباط بالمكان، وعلى الأقل، إمكانية استرجاع نسخ ورقية من هذا الأرشيف أو رقمية عند الاقتضاء، وبما أن وصاية “وزارة السياحة” انتهت، فيفترض أن يتم حفظ أرشيف هذه المرحلة، ليس فقط كتراث خالص للمعهد أو وزارة السياحة، بل كجزء لا يتجزأ من التراث الأرشيفي الوطني، الذي يبقى تراث الأمة وملكها المشترك الذي لايمكن البتة أن ينفرد به شخص أو جهـة، أما ما تبقى من الأرشيف داخل المعهد، وما ظل حاضرا من أشياء (كؤوس، أواني، مجسمات، شواهد، صور … )، فيمكن التحرك من أجل جرد هذا الأرشيف بكل مستوياته، وفي هذا الإطار، يمكن التعويل على “أرشيف المغرب” في إطار اتفاقية الشراكة التي تربطها بالمديرية الإقليمية، من أجل الاطلاع على هذا الأرشيف النوعي وتقييم مـدى توفره على شرط “المنفعة العامة” الذي قد يطلق العنان لحفظه وتثمينه.

ولا يمكن أن نختم المقال، دون التوجه بخالص الشكر وعظيم الامتنان إلى الأطر الإدارية بالمعهد، في شخص السيد “خالد مسيوي”، مدير المعهد، والسيد “محمد المعروفي”، مدير الدراسات، لما وجدنا فيهما من حسن استقبال وإصغاء، ومن رغبة في التعاون والتنسيق والتشاور في جميع المجالات ومنها مجال الأرشيف، خدمة لإشعاع المعهد وجاذبيته، وننوه مرة أخرى، بقوة وجاذبية بنيات ومرافق هذا الصرح التكويني البارز الذي يتوسط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وكلية العلوم والتقنيات بالمحمدية، ومسؤولية الحفاظ عليه، تبقى مسؤولية مشتركة بين صناع القرار التربوي الجهوي والإقليمي والأطر الإدارية والتربوية والمتدربات والمتدربين، مع التذكير، أن “المعهد” له “خصوصيته” التكوينية والجامعية والإشعاعية،  مما  يقتضي التعامل معه، بمنهجية خاصة، تطلق العنان للفكر الخلاق والمبدع، وإذ، نفتح هذه النافذة على المعهد، لايسعنا إلا أن نرحب بكافة الأطر الإدارية والتربوية، ونتمنى لهم جميعا، مسيرة موفقة وناجحة، وهذه المرة، بين أحضان (قطاع التربية الوطنية) غير الأحضان (قطاع السياحة).

بقلم عزيز لعويسي المحمدية المغرب