“للا رحمة” نص قصصي يكتبها لمنار اليوم في حلقات ذ/ امحمد بن الهاشمي شعالي..الحلقة الثانية ..وانطلقت الرحلة
موقع منار اليوم الاربعاء 17 فبراير 2021.
وانطلقت الرحلة
بقيت
لوحدها في الدويرية بعد وفاة زوجها السنة الماضية، و تفرق أولادها بين الشمال و
الجنوب طلبا للرزق. ولم يبق بحوزتها إلا لآلة حليمة مسنة ستينيةمثلها. لآلة رحمة
امرأة متوسطة القد ما تزال تحتفظ بلياقتها الجسميةو سرائر محياها الوسيم . تمضي جل
أوقاتها مع رفيقتها لآلة حليمة في الاشتغال بغزل الصوف والنسج والحياكة، ويتخلل
ذلك الاستمتاع بالذكر، والتهليل والأهازيج التنشيطية الممتعة أحيانا، و التي
تعودتا على ترديدها معا في المناسبات، والحفلاتالخاصة ،و الأعراس العائلية. صباح
الأحد استيقظت لآلة رحمة مبكرا. و ذهبت إلى السوق الأسبوعي ،حيث اشترت فرخين
مليحين من الدجاج، و كمية معدودة من البيض البلدي، وشيء وفير من الخضر الموسمية
المعلومة في الصيف .ثم عادت على عجل إلى منزلها ،لكونها تستعد للسفر إلى الدار
البيضاء .عند ابنتها شامة بحي لساسفة. على التاسعة صباحا، لملمت مستلزماتها في صرة
محكمة. ووضعت البيض والخضرة والفرخين في سلة مربعة، سميكة،مغلقة بشبكة القنب
الهندي. التحقت بمحطة ” الكيران”.وسط القرية وجدت حافلة ” ولد
المعلم” راسية في مكانها المعلوم. حجزت تذكرة السفر عند “مول
الشكارة” ،وأعطت السلة إلى المعطي “لكريسون” منبهة إياهبانيثبت
السلة في مكان آمن بالصندوق ،حتى لا يتكسر البيض،وناولتهالاكرامية.فصعدت إلى الحافلة
،واحتلت مقعدا أماميا ،ثم وضعت صرتها في المقعد المحاذي لها. على الساعة العاشرة
صباحا ،انطلقت الحافلة تتدحرج رويدا رويدا بين الشاحنات ،و عربات الفلاحين
المتسوقين ،وهي تتوقف على مهل كلما التحق بها احد المسافرين.تجاوزت الحافلة ازدحام
وضجيج السوق،وأخذت تشق طريق الدار البيضاء
عبر نقطة بئرالببوش، و نقط أخرى في الطريق الثانوية المتجهة صوب آزمور،وبها مسالك
ضيقة ،رديئة ،ملتوية المنعرجات، لا تفوق فيها الحافلة السلحفاة سرعة ما بين
40 و 60 كلم في الساعة ،تتخللها الوقفات
المتكررة لالتقاط الزبناء المنتظرين ،هنا و هناك على حافة الطريق ..