أخر الأخبار
الرئيسية » الارشيف » صناعة الموت أو ” الموت البشع”.للكاتب مصطفى فاكر

صناعة الموت أو ” الموت البشع”.للكاتب مصطفى فاكر

 موقع المنارتوداي 27ماي2020.
صدم المغاربة و
العالم كله على مشاهد الموت الخارق للعادة ، على الأقل في المدة الأخيرة عبر قطعة
من جغرافية المغرب العميق المهمش  مواطنون عزل جعلتهم كورونا أشباه أجساد
ادمية جراء الحرمان و الفقر و المرض و قلة اليد و الإهمال المفتعل أحيانا و النسيان
، وسط دواوير العار و تجمعات سكنية توحي و كأننا في قندهار بعد نهاية الحرب
 ، منازل هشة طينية متاكلة لا تعكس بالمرة أننا في زمن التطور التكنولوجي و
عصر السرعة و القطع مع الماضي الأليم و سنوات الجمر و الرصاص ، لكن وراء الأكمة
المظلمة عار و تخلف و تهميش لا يرحم المهمشين و المسحوقين بكل المقاييس ، عبر
سلم التنمية الكاذب الذي يغدي الفوارق الطبقية و يفتض بكارة العدالة الإجتماعية ،
و يضرب القيم الإنسانية في العمق أمام جشع اللوبيات و عصابات الإقتصاد و السياسة و
صناعة الأزمات و تلفيق التهم الجاهزة و الحكرة في زمن كورونا ، و في أزمنة قياسية
تغزوها خيوط تلك العصابات من أجل السلب و النهب و بيع المساعدات المخصصة أصلا
للأسرة المحبطة و المعوزة ، التي تتدور طمعا في كسرة خبز بارد في زيت يحترق ،
حيث الشيخ و المقدم بالتراتبية الإدارية لسلطة وزارة الداخلية و المنتخب الجماعي
هم وراء الرداءة و استمرار التهميش و بيع القفف و بيع الذمم في بورصة يباع فيها
الفقراء و أصواتهم من أجل أن يستمرواقع الربح غير المشروع ، و ليستمر واقع الجشع
السياسي و الإقتصادي ،و تنتعش أخطبوطات الفساد و الإفساد ، و يبقى جوعى المغرب
العميق يتدورون جوعا بين تسلط السلطة و أعوانها و منتخبين فاشلين همهم الوحيد هو
الإستمرار في خدمة واقع التشفي و الرداءة و العهر السياسي المبتدل ، الذي يؤتثه
الفساد و الإستبداد.
مهمشون يبحثون عن
لحظة فرح هاربة قبل أن يداهمهم الموت البشع و يسرق منهم مبتغاهم و مطالبهم و
أحلامهم البسيطة في الحق في العلاج و الحق في رغيف خبز بكرامة ، إلا  أن
الواقع قطعة من عذاب و مأساة أدخلت الحزن على أبناء الوطن جميعا ، و أحيت لهم
استعارة الموت التي ترتبط بلحظات الإنتظار الطويل و في طابور أطول رغبة في علاج
صار حلما أو قفة عار لسد الرمق احتماء من الجوع ، فإذا بالموت البشع يتسلل قبل موت
الجوع و المرض مصدره واحد و منابعة مختلفة و النتيجة واحدة : موت فيزيقي
و موت معنوي خلف و يخلف ملايين المصابين بالخيبة و الخذلان ، و موت من أعلى طوابق
مصحة و اخر بردهات القيادة و بين حشود المخازنية و المنتخبين و طابور المحتجين ممن
حرموا من مساعدات لسد الرمق و أدرعهم ممدودة لأخذ الصدقة تزيد من التعايش الممسوخ
فوق ربوة منازل الفقر و العار و السجن الكبير….
إقليم اليوسفية يشهد
في المدة الأخيرة هذه المشاهد الرهيبة لا يسمح بمشاهدتها لأقل من 12 سنة  في
صناعة الموت و لينضاف التحقيق الطويل و المعقد إلى تحقيقات أخرى أقبرت مع سبق
الإصرار و الترصد في بركة النسيان و التناسي ،دون الحق في معرفة الحقيقة على
لسان المحققين و إن كانت الحقيقة كاملة موثقة بالصوت و الصورة و في واقع عنيد
يتفرج عليه السياسيون الإنتهازيون و هيئات الحقوق  و العقوق و
أقلام ” الكاميلة و الفاميلة ” و خربشات الكتائب الإلكترونية التي تتغذى
 من الأزمات و الصراعات و التفرج على مشاهد الموت البشع و الموت
البطئء . الموت الذي ترعاه البطالة و الفقر و التهميش و الإقصاء.
صمت مذقع و سكوت
غزا كل الأرجاء و اختفاء كل الكائنات الخيرية و الحقوقية على الاقل
لتتبع مهازل صناعة الموت البشع ، و اختفى المتبجحون بالدفاع عن حقوق
الإنسان و المسحوقين لمساندة الأسر المكلومة و المنكوبة و هي تباشر دفن
الحقيقة دون حساب و لا سابق عقاب ، صناعة الموت فقراء أتوا لطلب العلاج فإذا بهم
انتهوا إلى غرفة موت مظلم لا يرحم الأبرياء في وطن ينخره الفساد و الجشع و
الإستبداد…

الكاتب ..مصطفى
فاكر..