أخر الأخبار
الرئيسية » المنار الثقافي »  قراءة نقدية في مؤلف، على مشارف شهقة القلب” للشاعر محمد الصفى.

 قراءة نقدية في مؤلف، على مشارف شهقة القلب” للشاعر محمد الصفى.

 

موقع منار اليوم الثلاثاء 29 يونيو 2021..بقلم عبدالغني لزرك.
طل من جديد الأستاذ والشاعر محمد الصفى بمؤلف جديد عنونه ب” على مشارف شهقة القلب”، وهو عمل إبداعي شعري، ضم بين دفتيه مجموعة من القصائد الشعرية، وصلت إلى ثماني وعشرين قصيدة، ومايثير الانتباه منذ الوهلة الأولى في المؤلف المتوسط الحجم، العنوان الذي اختاره الشاعر، والذي جاء على شكل جواب لمجموعة من التساؤلات المبثورة ، ونتيجة مباشرة لأحاسيس داخلية وجواب صريح، ” على مشارف شهقة القلب”، بحيث لم يترك الشاعر للقارئ وقتا لاكتشاف مايوجد بين طيات المؤلف، كأن يقول” شهقة القلب” أو” على مشارف…”، وهو أمر أراد من خلاله الشاعر ألا يسقط المتلقي في التأويلات والقراءات المتعددة، وأدمجه مباشرة في الموضوع، انطلاقا من العنوان الذي جاء بصيغة جديدة على شكل عبارة وليس كلمة أو كلمتين، كما اعتدنا في أغلب الدواوين الشعرية للعديد من الشعراء.
وفي أسفل العنوان، نجد لوحة فنية لامرأة ترتدي لباس أسود وأحمر، ونحن نعلم جيدا دلالة اللون الأسود الذي يرمز دوما للشر والآلام والمعاناة…، واللون الأحمر الذي يدل على الحب والتفاؤل، بمعنى أن هذا الديوان يضم قصائد تباينت مابين الشر والخير، التفاؤل والتشاؤم، الحب والكراهية…، وغيرها من الأضداد والمرادفات، بالإضافة إلى وجود ألوان أخرى مختلطة تكمل اللوحة الفنية، وكأنها تصور لنا حياة المرء في الوجود، معاناته، الآمه، حبه وعشقه لعالمه، سواء أكان هذا العالم واقعي أو خيالي، ملموس أو محسوس.
إذا فاللوحة الفنية الموجودة أسفل العنوان هي مكملة وموازية له. وهناك مسألة أخرى لايمكن تجاوزها، ونحن بصدد التحليل الخارجي لغلاف الديوان الشعري، وهو أنه انطلاقا من هذه اللوحة الفنية التي تشير إلى امرأة فيصرح الشاعر مرة أخرى أن ديوانه يتمحور حول المرأة وكيانها ووجودها، ومعاناتها وسعادتها داخل هذا المجتمع، وكأننا نلمس أن الشاعر وكأنه يريد رد الاعتبار للمرأة  المغربية بصفة عامة والأزمورية والدكالية على وجه الخصوص وماعانته من ويلات كثيرة وتسلط ونظرة المجتمع الذكوري لها خاصة في فترة ماقبل ومابعد استقلال المغرب. وكيف كانت الطفلة ممنوعة من التعلم والقراءة والذهاب للمدرسة وغيرها من الأمور التي لايسعفنا المقام هنا للحديث عنها.
إذا فمؤلف الشاعر محمد الصفى هو بمثابة رد الاعتبار للمرأة، تحسيس المتلقي والقارئ بقيمة المرأة ووجودها وأحاسيسها وشعورها ومعاناتها.
وعند تصفحنا لهذا الديوان، نجد أنه تم افتتاحه بمقتطف من قصيدة ” تعالي” لصلاح الوديع، وكأنه منذ البداية يعلن على الحالة الداخلية لذاتيته التي يلفها الجراح والألم، محاولا الصراخ لإيجاد مخرجا نحو الألفة والأنسة.
وبعد هذا المقتطف نجد كلمة إهداء الشاعر لعائلته الكبيرة والصغيرة والحب اللامحدود لأمه وزوجته وبناته.
وبعد ذلك نجد تقديم للمؤلف من طرف الشاعر أحمد شرقي، الذي حاول في هذا التقديم إعطاء قراءة شاملة للديوان وأهم ماميزه بشكل مختصر ومحكم  ودقيق.
ومباشرة بعد ذلك نجد أول قصيدة التي عنونها الشاعر محمد الصفى ب” أميرة عشقي” التي يناجي فيها الشاعر صيغة الأنثى، وقد لايكون الأمر متعلق بإمرأة قد تكون المدينة التي شغف الشاعر بها وتعلق قلبه بها. وعانى من أجلها وأجل واقعها المرير والبئيس قرابة أربعين سنة أو مايزيد. والأمر هنا يتعلق بالمدينة التاريخية، مدينة أزمور وماتعانيه، وقيمتها وحضورها الدائم عند الشاعر، كما هو واضح في قصيدة ” شوارع المدينة ” من هذا الديوان ص 19.
وفي القصيدة الأخيرة من الديوان عنونها الشاعر ب” شهقة قلب”، بشكل نكرة وليس معرفة، كما جاءت في عنوان الديوان” شهقة القلب” وكأن النتيجة التي وصل إليها لاتعنيه لوحده. بل تعني العديد، لهذا أرادها مفتوحة على الزمان والمكان” شهقة قلب”. كاستخلاص له امتدادات آتية ومستقبلية، بالإضافة إلى أنه لايريد حصر الأحاسيس في قلب واحد. بل في قلوب متعددة، وحتى التي تعذر تناولها داخل هذا الديوان.
وبالنسبة للزمن نلاحظ وجود أربع سنوات التي دونت فيها هذه القصائد، ابتدأت من سنة 2014 ثم 2018 و 2019 و 2020، والفاصل بين السنة الأولى 2014 والسنة الثانية 2018، أربع سنوات، وعدم البوح فيها من طرف الشاعر، أهي لحظة توقف وتأمل من طرفه، أم هو طارئ جعله يكف عن تدوين قصائده، أم الأمر متعلق بحالته الشعرية، ولحظات الكتابة وتدفق الكلمات، وفي السنوات الموالية 2018 و 2019 و 2020، كان هناك استرسال وغزارة في إنتاج قصائد هذا الديوان، خاصة سنة 2020، وربما الأمر متعلق حتى بالظروف الوبائية ” وباء كورونا”، والوقت الذي أصبح متوفر للعديد منا، ربما هذا الأمر كان دافعا مهما من أجل تفتيش الشاعر في كناشاته وأوراقه القديمة وإعادة ترتيبها واستكمالها وإخراجها للمتلقي في هذا الديوان الجميل” على مشارف شهقة القلب”.
وبالنسبة للمكان فقد تم تدوين بعض القصائد في ثلاث مدن ( أزمور، الدار البيضاء، خريبكة)، بحيث تم ذكر مدينة أزمور في ستة عشر قصيدة، والدار البيضاء في خمسة قصائد، وخريبكة في قصيدتين، وشيء طبيعي يلاحظ أنه تم تدوين أغلب القصائد بأزمور نظرا لوجود الشاعر فيها ومقر سكناه وعمله، في حين أن هناك أربعة عشر قصيدة، لم يتم الإشارة إلى الأمكنة التي دونت فيها، ومن بين هذه القصائد: ” شوارع المدينة” ص19، ” لهفة” ص55، ” معانقة” ص57، ” ابتسامة عابرة” ص58،” قصيدة لم يكتب لها النشر” ص61، ” رثاء جرح” ص64، ” هذه حقيقتي” ص67، ” بحر الغرام” ص69، ” تعاويذ” ص70، ” لاتيأسي” ص74، ” قمري” ص75، ” مصباح ديوجين” ص76، ” جرح الأغنيات” ص80،” أقواس قزح” ص85.
فالسؤال الذي يمكن أن نطرحه من خلال سرد عناوين هذه القصائد التي تركها الشاعر بلا أمكنة، هل تعمد الشاعر ذكر الأمكنة التي دون فيها هذه القصائد؟ أم أن الأمر تم تركه بطريقة عفوية لاتستدعي المساءلة؟ هي تساؤلات لايمكن الإجابة عنها إلا من طرف الشاعر نفسه.
ومهما يكن، لابد وأن ننوه بهذا العمل الإبداعي الذي أنجزه الأستاذ والشاعر والإعلامي محمد الصفى الذي سيساهم لامحالة في التحفيز على القراءة من طرف القارئ الذي افتقدناه بشكل كبير جدا، بحيث فقدنا القارئ الورقي وأصبح لنا قارئ إلكتروني يتصفح هاتفه الذكي، وبالتالي أصبحنا نعاني أزمة قراءة داخل المجتمع، لهذا فإن هذا المؤلف سيدعم الحقل الإبداعي وحث الشباب على القراءة خاصة بالمدن الصغرى مثل  مدينة أزمور ونواحيها.
فالقراءة تطرد الشر والطاقة السلبية وتعوضها بالتفاؤل والطاقة الإيجابية، وحصادا مما تقدم، فإن هذا الديوان الشعري” على مشارف شهقة القلب” يغري بالقراءة والتصفح والتحليل والنقد، لمايضمه من أسلوب متميز ولغة سلسة وانتقاء واختيار مجموعة من الكلمات التي تنتمي  للحقل الأدبي الإبداعي بصفة عامة وقالب شعري على وجه الخصوص.
الكاتب ..ذ/عبدالغني لزرك البير الجديد.